حدث أن ضابطا بريطانياً ،صفع مواطنا هنديا على وجهه ،
فكانت ردة فعل المواطن الهندي ، أن صفع الضابط بكل ما يملك من قوة وأسقطه أرضا ..
ومن هول الصدمة المذلة ،انسحب الضابط من المكان وهو يستغرب .!!
اتجه إلى مركز قيادته ليحدثهم بما حصل ، ويطلب المساعدة لمعاقبة هذا المواطن الذي ارتكب جرما لا يغتفر ..
لكن القائد الكبير هدأ من روعه ، وأخذه إلى مكتبه ، وفتح خزينة ممتلئة بالنقود ، وقال للضابط :
خذ من الخزينة خمسون الف روبية ،
واذهب إلى المواطن الهندي ، واعتذر منه على ما بدر منك ، وأعطه هذه النقود مقابل صفعك له ..
جن جنون الضابط وقال مستنكراً :
أنا من له الحق في صفعه وإذلاله ،
لقد صفعني وهو لا يملك الحق ، هذه أهانة لي و لك ، ولجيش صاحبة الجلالة ، بل أهانة لصاحبة الجلالة نفسها ..
قال الضابط الكبير للضابط الصغير :
اعتبر هذا أمراً عسكرياً عليك تنفيذه دون نقاش ، امتثل الضابط لأوامر قائده ، وأخذ المبلغ وذهب إلى المواطن الهندي ..
وعندما عثر عليه قال له :
أرجو أن تقبل اعتذاري ، لقد صفعتك ورددت لي الصفعة ، وأصبحنا متساويين ، وهذه خمسون الف روبية هدية مع اعتذاري لك ..
قبل المواطن الهندي الاعتذار والهدية ، ونسي انه صُفع على تراب وطنه من مستعمر يحتل أرضه ..
كانت الخمسون الف روبية في تلك الفترة ،
تعتبر ثروة طائلة ،
اشترى المواطن الهندي بجزء من المبلغ منزلا ، وجزء احتفظ به ، وجزء اشترى به ( ركشة )
و الركشة وسيلة نقل أجره بثلاث عجل يستخدمها الهنود في تنقلاتهم ،
واستثمر جزء في التجارة ، وفي وسائل النقل وتحسنت ظروفه ،
وأصبح مع مرور الوقت من رجال الأعمال ،
ونسي الصفعة ، لكن الإنجليز ،لم ينسوا صفعة الهندي للضابط ..
وبعد فتره من الزمن ، استدعى القائد الانجليزي الضابط الذي صُفع ، وقال له :
أتذكر المواطن الهندي الذي صفعك .. ؟
قال الضابط : وكيف أنسى .. ؟
قال القائد :
حان الوقت لتذهب وتبحث عنه وبدون مقدمات اصفعه أمام أكبر حشد من الناس ..
قال الضابط :
لقد رد الصفعة وهو لا يملك شيئا ، أما اليوم وقد اصبح من رجال الأعمال ، وله أنصار وحراس ،
فهو لن يصفعني فقط بل سيقتلني ..
قال القائد : لن يقتلك ،
اذهب ونفذ الأمر بدون نقاش ..
امتثل الضابط لأوامر قائده ،
وذهب إلى حيث الهندي ، كان حوله أنصاره وخدمه وحراسه وجمع من الناس ، فرفع يده وبكل ما يملك من قوة صفع المواطن الهندي على وجهه حتى أسقطه أرضا ..
لم تبدر من الهندي أي ردة فعل ،
حتى أنه لم يجرؤ على رفع نظره في وجه الضابط الانجليزي ..
اندهش الضابط وعاد مسرعا إلى قائده . !!
قال القائد للضابط :
إني ارى على وجهك علامات الدهشة والاستغراب ..
قال : نعم ..
في المرة الأولى رد الصفعة بأقوى منها ،
وهو فقير، ووحيد ، واليوم وهو يملك من القوة ما لا يملك غيره لم يجرؤ على قول كلمه ، فكيف هــذا .. ؟
قال القائد الانجليزي :
في المرة الأولى كان لا يملك إلا كرامته ،
ويراها أغلى ما يملك فدافع عنها ..
أما في المرة الثانية ،
وبعد ان باع كرامته بخمسين ألف روبية ،
فهو لن يدافع عنها ، فلديه ماهو أهم منها ..
وفي وقتنــا الحاضر ..
كـم من شخص باع كرامته ووطنه ،
لكسب ود ، أو ثمــناً لمنصب ، أو كرسي .. !!






