RSS
email

كيان يجمع بين الجالية الجربية 1822-1911



 التجار الجربيين في إسطنبول

 إن مهنة التجارة كانت من الحرف الأساسية التي يمارسها أهل جربة بكل اقتدار سواء كان ذلك في المجال الضيق للجزيرة حيث كان التبادل التجاري يقع في نطاق الأسواق الأسبوعية أو خارج الجزيرة ضمن التبادل بين بلدان البحر الأبيض المتوسط فالصورة التقليدية للجربي المهاجر إلى مختلف البلدان المشرقية تجد التجسيد الكامل لها ففي القرنين الثامن والتاسع عشر حيث ازدهرت التجارة التونسية في هذا الاتجاه بفضل حركيتهم المتواصلة لقد هاجر الجربيون كانوا جاليات بمختلف المراكز التجارية المعروفة ولكتنا لا نعرف عنهم إلا القليل النادر 

 سأحاول في هذا البحث إلقاء بعض الأضواء عن الجالية الجربية المقيمة بعاصمة السلطنة العثمانية اسطنبول (خلال القرن 19) وقد اعتمدت في البحث على مراسلات الوكلاء التونسيون بالآستانة ورجعت كذلك الى بعض المراسلات الخاصة التي كانت بحوزة آل بن عيّاد حكام جزيرة جربة في القرنين 18 و 19 كل هذه الوثائق محفوظة بالارشيف الوطني  
سلسلة الحكام في جربة 
  1. عائلة السمومني (ق 13 - 1560م): حكمت بموجب نظام "العزابة" واستمر نفوذها حتى وفاة الشيخ مسعود بن صالح السمومني 
  2. عائلة بن جلود (1560 - 1759م): برزت بعد السمومني، وأصبحت أداة للنفوذ التركي، وانتهى عهدها بهدم قصورهم وبيع حطامها 
  3. عائلة بن عياد (بعد 1759م): انتقل مركز الحكم إليها من حومة الغرابة إلى حومة صدغيان، وبرزت مؤسسة "القايد" بدلاً من المشيخة، وتولى أفرادها مهام قيادية وإدارية، بالإضافة إلى نشاطهم التجاري الكبير

 

 كانت الدولة التونسية تتخذ لها وكلاء مراسلون تنتدبهم من الجاليات التونسية المهاجرة والمقيمة في عدد من المدن الكبيرة بالمشرق نذكر من بينها اسطنبول وأزمير والقاهرة والإسكندرية وبنغازي وطرابلس. من هؤلاء الوكلاء؟ 

 إن الوكيل كان سفيرا بالأساس والاستعلامات هي مهنته الأولى فهو يحيط أفراد الدولة علما بكل ما يجدّ من إحداث سياسية واقتصادية و خاصة الأخبار التي تتناقلها الصحف. والوكيل يقوم كذلك بدور الوسيط بين الدولة التونسية والولاة العثمانيون القائمون على رأس أهم الولايات الشرقية مثل الولاية المصرية وولاية طرابلس  

 والذي يهمنا من أمر الوكلاء هو وجود عدد لا يستهان به من الجربيين في هذا السلك. بل إن كل الوكلاء الذين اعتمدتهم الدولة التونسية في الآستانة والذين خلفوا أكثر من ألفي رسالة هم وكلاء جربيون نذكر من بينهم يحي وعمر أرواي، "أحمد بن ذياب" ، أحمد الواتي، الشيخ "محمد المثني " ، قاسم ماجوج، و "قاسم القنفود " .

 الملاحظة الأولى تهم المنبت الأصلي لأفراد الجالية التونسية باسطنبول فنقول أن جل أفراد الجالية قد هاجروا من جزيرة جربة أساسا بقصد التجارة ولم يجدوا هناك من يزاحمهم مثل ما هو الحال في مصر وطرابلس حيث كانت منافسة شديدة بينهم وبين المهاجرين من صفاقس.

 والإشكالية التي نطرحها في هذا الشأن تهم الحضور الجربي بالآستانة وماذا تفيدنا تلك المراسلات عن الجالية الجربية هناك كذلك مدى اندماجها في المجتمع التركي بالآستانة 

 هناك بعض الإشارات التي تدل على أن هذا الحضور الجربي باسطنبول كان منظما وذلك منذ القرن الثامن عشر على الأقل لأننا بالاعتماد على ابن أبي  الضياف نعرف أن  حادثة وقعت بين تاجر تونسي كبير وأحد التجار الجربيين المتواجدين بالعاصمة العثمانية قد تمّ الاحتكام أمام الباي علي باشا بتونس ووقع فض الخلاف على يد جماعة الجرابة باسطنبول وهي حادثة تبدو بسيطة في حد ذاتها إلا أننا نستنتج منها وجود كيان يجمع بين الجالية الجربية هناك  

وهو كيان يبدو متضامنا مما مكن في ذلك الحين مكن جمع المبلغ الذي كان بذمة فرد منها لفائدة التاجر التونسي حتى وإن كان ذلك بوازع الخوف إذ أن هذا التحرك من طرف "جماعة الجرابة" كان فعلا تحت الضغط لأن الباي هدد بأخذ حق الشاكي واستخلاص الدين حتى وإن اقتضى الحال بيع أملاك الجرابة بجربة 

 لكن يبقى في الآخر أمر هام وهو أن الباي يتجه إلى الجالية الجربية ككل وأن هذه الأخيرة تتحمل المسؤولية بصورة جماعية. 

 أما في القرن التاسع عشر وهو الذي يهمنا من تلك المراسلات فإن المعلومات التي نستقيها منها ما تفيدنا بأن جماعة الجرابة كانوا منظمين في كيان يجمع شتاتهم ويبرز وجودهم في ذلك المجتمع المتعدد التنظيمات 

 لقد عرفت المدن العثمانية بالشرق الأوسط وخاصة منها اسطنبول عاصمة الدولة نموا هاما خلال القرنين 18 و 19 وقد برزت فيها تنظيمات اجتماعية مختلفة تدل على تضامن اجتماعية حقيقي يربط مختلف الأصناف الاجتماعية المكونة للمجتمع الحضري في ذلك الزمن. وقد كانت هذه التنظيمات تختلف والتركيبة الاجتماعية المكونة لكل مدينة. من بين هذه التنظيمات وأهمها هناك الفرق الدينية والفرق الحرفية وقد تختلط ببعضها فتكون حرفية دينية في آن واحد. وبالنسبة للجربيين في مدينة اسطنبول فقد أسسوا فرقهم الخاصة التي تجتمع أساسا أصحاب حرفة واحدة مهاجرين من جزيرتهم حسب أعراف متبعة في بلاد الاستقبال وهي هنا العاصمة العثمانية ففي بداية القرن نجد جماعة الجرابة في علاقة تجارية مع عامل جربة آنذاك وهو حميدة بن عيّاد وفيها كانوا يتبادلونه من مراسلات نجد ثلاث قوائم "جماعة الجرابة" بالآستانة 



 ففي سنة 1809 تتكون الهيئة من 12 شعبان التراولي كتهوداي (كاهية؟) محمود صفراوي كتهوداي

" أما الأعضاء فهم " محمد بوزكري

 


 "الحاج محمد الجبالي "

" الحاج يحي الباسي"  " الحاج محمد آرواي  مسعود بن تفقيدت " و " رمضان تلوين"  

 

 وبعد ثلاث سنوات أي 1227 هـ 1812 م يتقلّص العدد الى 7 أعضاء وهم حمودة بن رمضان صفراو كتهوداي والحاج محمد بن صالح أرواي كتهوداي وواحد باش اختيار إسماعيل بن الحاج يحي فرحات وأـربعة اختيارات :وهم : محمد بن الحاج أحمد بوزكري ويحي بن عمر العرامي وقاسم بن الحاج السعيد بن رجب والحاج عمر بن رحومة 

 وبعد سنتين أي سنةـ /1814 نجد تشكيلة بثمانية أعضاء وهي على النحو التالي: سليمان بن عسكر كتهوداي والحاج عمر بن الحاج كتهوداي ومحمد بن إسماعيل فرحات اختيار وخمسة اختيارات وهم : "مسعود بتن تفقيدت " و "صالح بن سعيد"  و "الحاج محمد أرواي " و "الحاج محمد الجبالي و

" محمد قاسومة" .

 إن هذه التشكيلات الثلاث المؤسسة في تواريخ متقاربة تبرز لنا تواتر بعض الأسماء لأسر جربية معروفة : ولكنها لا تدلّنا عن نسق التداول على المهام في صلب التشكيلة وهكذا نجد أسماء مثل "محمود صفراوي"  سنة 1829 بينما نرى
" الحاج محمد بن صالح أرواي"  الذي كان اختيار سنة 1824 يصبح كتهوداي .

كما نلاحظ أن "مسعود بن تفقيدت"  والحاج محمد الجبالي اللذان كانا عضوين سنة 1829 يتغيبان في تشكيلة 1835 ويرجعان بنفس المهام سنة 1839 وكذلك "محمد بن الحاج أحمد بوزكري" و

"يحي بن عمر العرامي" نجدهما كأعضاء على التوالي سنتي 1822 ثم 1825 ثم يتغيبان سنة 1829 وهنا يحق لنا أن نتساءل عن الأسباب التي يمكن أن تكون وراء هذه التغيرات التي حدثت في التشكيلات الثلاث:

 ان التفسير البديهي في نظرنا يكمن في التنظيم الذي كانت عليه حرفة التجارة في ذلك الوقت. 

إننا نعرف أن جل أفراد الجالية الجربية تتكون من التجار وأن هذا يستدعي منهم التنقل المستمر بين بلدانهم و بين اسطنبول والمراكز التجارية الأخرى التي تربط بمصالحهم مثل جربة وتونس وطرابلس والإسكندرية ومن عاداتهم و واجباتهم أيضا الإقامة بالتداول مع أفراد أسرتهم في جزيرة جربة أين تقيم أسرهم.

 وفي غيابهم عن مكان عملهم بالمهجر فان شركائهم الذين هم عادة من أفراد عائلتهم يعوضونهم في العمل وفي مهامهم في صلب الهيئة الساهرة على شؤون الجماعة أما في الثاني من القرن 19 فإننا لن نجد ذكرا للجماعة ولكن نجد تعبيرا آخر هو "الأصناف" الذي يعبّر عن فرق للحرفيين وهو على غرار عدة كلمات عربية وقع اعتمادها في التركية بصفة الجمع وهي إذا تشكيلات حرفية منظمة حلت محلّ الفتوى التي كانت موجودة في المدن المشرقية وازدهرت في القرون السابقة وهي بمثابة النقابات المهنية. 

 وقد برزت سنة 1856 باسطنبول نقابة تضم تجار الشاشية تعرف تحت اسم "أصناف الفاسجية" تضم النقابة 14 عضوا كاهيتان وباش اختيار واثني عشر اختيارات وهم:

 إبراهيم الجبالي و
يونس معزوز
 وسعيد بن حمودة
 و الحاج محمد بن يونس والحاج محمد شقير و عثمان بن يونس وقاسم بن مجوج وحاج أحمد برشوش.

 أما سليمان الهنتاتي فقد كان باش اختيار ولا نعرف من هو الاختيار الثاني والحاج شعبان  والحاج محمد الواتي كانوا كاهيتان 

 أما المعلومات عن هذه النقابة فإننا نستقيها من خلال الهزات التي مرت بها تلك المنظمة. والتي وصل صداها إلى الدولة التونسية لأن أطراف النزاع تلتجئ إلى الباي في محاولات لفض المشاكل التي تعترض سيرها حسب أعراف متبعة في بلاد الاستقبال وهي العاصمة العثمانية وقد تعددت اللوائح التي كانت ترسل الى الباي. 

 وهكذا فإن النصف الثاني من للقرن 19 عرف أزمتان هامتان : 

لقد انطلقت الأزمة الأولى سنة 1859  عندما اختصّ الباي ستة من أفراد النقابة بأوسمة اعترافا بمساهماتهم في المجهود الحربي الذي بذلته الدولة التونسية بتوجيهها لأسطولها البحري ومعاضدة السلطنة العثمانية في حربها ضد الروس. 
و تعرف تلك الحرب بحرم القرم.

 إثر هذا التكريم وجه بقية أعضاء النقابة رسالة تظلم الى الوزير مصطفى خزندار يشتكون فيها من التناسي لدورهم.

 وحيث أنهم لم يتلقوا ردا على رسائلهم اجتمعوا وكانوا يمثلون الأغلبية وعزلوا الكاهية "محمد الواتي"  وانتخبوا كاهية بدله وفي هذا التاريخ بالذات كانت تشكيلة النقابة على رأسها كاهيتان "سليمان الهنتاتي"  و "الحاج شعبان" من حومة الجوامع.

 بعد هذا التعديل في تشكيلة النقابة شملت امتيازات الباي كامل أفراد المنظمة وهدأت النفوس أما الأزمة الثانية فقد وقعت على اثر الزيارة التي قام بها الجنرال خير الدين في مهمة رسمية لدى السلطان.

 وكان خير الدين آنذاك أي سنة /1859 وزيرا للحرب.

 و هيأت الجالية نفسها لاستقبال الوزير وتقديم خدماتها وقضاء مصالحها لديه إلا أن عمر العبري وهو من التجار الجرابة الواثقي الصلة بأفراد الدولة التونسية كان ضمن الوفد المبعوث من طرف الباي وقد سعى بكل الوسائل حتى لا يصل الى الوزير إلا الأفراد الذين يخدمون مصالحه أي شركاؤه باسطنبول وخاصة منهم يحي أرواي وهو أحد الكواهي لنقابة تجار الشاشية هناك. 

إن هذه الحادثة أحدثت انزعاجا وإحباطا كبيرين لدى بقية أفراد النقابة ومما زاد في استيائهم ما أظهره يحي من خروج عن قوانين النقابة وتفرده بالرأي واستهتاره وتهاونه بمصالح المجموعة التي تمثلها النقابة.

 وقد فشلت كل المحاولات لإرجاع المياه الى مجاريها فما كان من النقابة إلا أن تتوجه باللوائح الى الدولة التونسية تلتمس منها التدخل لوضع حد لتصرفات يحي آواي المستهتر بمصلحة المجموعة.

 وقد وقع شرح تفاصيل الخلاف القائم بين يحي آرواي رئيس النقابة وبقية أعضائها في تلك اللوائح.

 وقد وقع توجيه عدّة نسخ منها الى الباي والوزراء منهم:

 مصطفى خزندار وإسماعيل صاحب الطابع وخير الدين وفي الأخير وقع الإعلان عن انقسام المنظمة الى فريقين متخاصمين فريق مناصر ليحي آرواي وهم الأقلية وكل الباقون كونوا شقا معارضا له. وقد أدت تلك التجاوزات ببعض أفراد النقابة الى الهجرة الى الإسكندرية وقد كان لهذا الانقسام صدى إنتشر بين الجاليات المقيمة بالمدن العثمانية الأخرى مثل القاهرة وطرابلس. 
وقد كان الكل في قلق شديد منتظرين ما سينتج عن ذلك وما ستقوم به السلطة التونسية من إجراء في هذا المجال. وقد كان الكل يعرف مدى المساندة التي يلقاها يحي آرواي من طرف العبري بتونس وقد إتضح لهم أن 

"عمر العبري"  أقوى من نقابتهم لأن اللوائح بقيت دون ردّ. 

وكان لسان حالهم يعلّق " لم يبق لنا الآن إلا التوكل على أنفسنا وعلى الجرابة أينما وجدوا".

 والأدهى من ذلك هو أن الأصناف كانوا متخوفين من تدخل السلطة العثمانية في شؤونهم عن طريق الكاهية التركي وهو الذي يتدخّل عادة في شؤون الأصناف لأتفه الأسباب فارضا عليها حماية الأقوى. 

ولا يمكن التغافل عن ما ينجر للنقابة من ذلك التدخل إذ هي ستضطر الى الرضوخ لنظام أصناف أخرى وتلحق بها وهكذا تفقد استقلاليتها. والخطر هنا يهدد الجميع لأن مصالح تجار الشاشية مرتبطة أشد الارتباط بمصالح تونس لأن مضايقة التجار تؤثر على التسويق وبالتالي على الإنتاج والكل يعرف أن قطاع الشاشية كان من أهم قطاعات التصدير للدولة التونسية آنذاك. ولكن رغم كل تلك المحاولات لإنقاذ الأصناف فإن السلطة بتونس اختارت الشق الذي يناسبها وهو شقّ

 "يحي آرواي" 
 وبذلك أضعفت مركز الأصناف الفاسجية الجرابة بالعاصمة العثمانية ومن ذالك التاريخ وبعد تلك الأحداث لم نعد نسمع عن الأصناف لكن الثابت هو أن يحي آرواي قد انتصر على الأصناف وبدل وغير منها كما يشاء بمساندة ضمنية من طرف السلطة التونسية. وقد حافظ على مكانته ونمى تجارته وعزّز مركزه بتسمية ابنه عمر على رأس النقابة بعد تخليه وقد بقي هذا على رأسها الى سنة 1881 عند انتصاب الحماية على البلاد التونسية.

 ومن خلال التجاوزات التي ارتكبها الكاهية أرواي نتعرف نوعا ما على ملامح التنظيم الداخلي لتلك المنظمة وعلى الدور الذي كان لها في الإشراف على أهم القطاعات التجارية التونسية.

 نعرف أولا أنه بعد عزل يحي أرواي من النقابة فإن هذا الأخير أحدث مكتبا موازيا متكون من 28 عضوا يرأسهم سعيد ريحان أما أعضاء المكتب الشرعي فقد التفوا حول سليمان الهنتاتي الى بقي محايدا وهكذا أعادوا للمكتب تنظيمه الأصلي. فما هو هذا التنظيم؟ 

تتكون الهيئة من 16 عضوا حسب العادات المتبعة من قرون عديدة يجتمع المكتب وينظر في شؤون المنظمة كما الحال سابقا في مكان معيّن يسمى "الونجة" وهو المكان الذي يوجد فيه صندوق النقابة وقد رأس
" سليمان الهنتاتي" 

 هذه النقابة التي وقعت إعادة تأسيسها وكانت المهام موزعة على أفراد النقابة حسب اختصاصهم هناك الكاهية والمختارون – والكاتب والجاويش. 

 أما الكاهية أو الكاتهوداي فهو يرأس النقابة ويسير شؤونها الإدارية والمالية فهو الذي يقوم بفض النزاعات الى قد تطرأ بين أصحاب الحرفة وهو الذي يسهر على حسابات الصندوق وهو يمثل النقابة لدى السلطة سواء كان في تونس أو باسطبنول يجب عليه أن يكون من وجهاء الحرفة ثري ذو أخلاق لا غبار عليها محبا لإخوته الفقراء. أما المختارون أو الاختيار فهم الأعضاء المستشارون يجمعهم الكاهية كلما اقتضى الأمر أخذ قرارات هامة.

 والكاهية لا يتخذ أي قرار يهم أصحاب الحرفة إلا بعد التشاور معهم ويتقدمهم الباش مختار الذي يحتل درجة أعلى في سلم المختارين . أما الكاتب فهو يقوم بتحرير المراسلات والتقارير ويسجل المعاملات المالية في دفتر الحسابات والجاويش يقوم بالعناية بمقر النقابة يوزّع الدعوات للاجتماعات يبعث الرسائل ويقوم بكل ما يؤمر به لتنفيذ قرارات النقابة.

 إن النقابة تجمع بين صنفين من التجار وهم في الأغلب متخصصون في الاتجار في الشاشية فكبار التجار يوردون الشاشية من تونس ثمّ يوزعونها على أصحاب الدكاكين الذين يسوّقونها بالتفصيل وبجانب الشاشية فإنهم يتاجرون كذلك في المنسوجات الصوفية.

 والنقابة لا تشمل الباعة المتجولين  ولكي تكون التركيبة مستوفاة الشروط فإنها يجب أن تظمّ أغلبية من أصحاب الدكاكين

 وقد عاب خصوم يحي أرواي عليه الهيئة التي كونها من 28 فردا لا تضمّ إلى 8 دكانجية والبقية وهي الأغلبية مكونة من الباعة المتجولين. أما رئيس النقابة وهو 

"سعيد ريحان"

 فهو ليس بتاجر و لا دكانجي بل مجرد موظف يستلم المكاتيب عند وصول السفن ثم يوزعها على أصحابها ويوصل السلع الى تجار (الأصناف) .


 نفهم من ذلك أن تلك المنظمة كانت تحت هيئة كبار التجار الذين يحتكرون المسؤوليات في النقابة ويبرز ذلك عند الأزمات أما عند استقرار الأوضاع فإن أفراد الجالية الجربية مترابطين ومتحدين للدفاع على مصالحهم ضمن هذا الجهاز الذي تحكمت فيه طوال القرن كما رأينا.


 أما التضامن بين أفرادها فهو يبرز من خلال وجود صندوق الذي يساعد "الفقراء" وهم أفراد الجالية والتعبير مستعمل خاصة في التنظيمات الدينية والطرق الصوفية ليست لنا معلومات عن كيفية تمويل ذلك الصندوق. هل أن رصيده الأول (تكون من تجميع أموال الزكاة أما الثابت هو أن أموال الصندوق كانت تستثمر في التجارة لكن هل كان ذلك بإسناد قروض لأصحاب الدكاكين من أفراد الجالية وهكذا نرى أن الجالية الجربية التي كانت تتعاطى التجارة بالمهجر كان لها تنظيمها الخاص بها ولم تندمج ضمن التنظيمات الحرفية التي كانت موجودة آنذاك بالعاصمة التركية وقد كانت تمثّل ثقلا سياسيا تعتمد عليه الدولة التونسية في قضاء شؤونها بالعاصمة العثمانية .


 عزيزة بن تنفوس


Bookmark and Share
blog comments powered by Disqus
 

زوار المدونة

free counters

Map

Taoufik Gharbi

Taoufik Gharbi
w

عبر بكل حرية :


ShoutMix chat widget

Vous souhaitez que

Vous visitez mon Blog