RSS
email

تونس تونسيه و لا ولاء الا لها

كثرت في المدة الاخيره الصفحات التي تناقش هوية تونس في الفايسبوك ، و نظرا لأهمية الموضوع و خطورة توظيفه أعيد نشر هذه التدوينه التي كتبها المدون الرائع الصديق نوفل المصري .
ناس تقول تونس عربيه و ناس تقول تونس امازيغيه و في ظل اتهامات متبادله بالخيانة و العماله و التطرف ، نحب نبين موقفي الشخصي و هو الآتي تونس تونسيه و لا ولاء الا لها .

و تونس فخوره بكل روافدها الحضاريه و الثقافيه و في المقام الاول الرافد العربي الذي قال عنه المجلس التاسيسي الذي كتب الدستور التونسي انه غلب على اهله و بعد ذلك تأتي بقية الروافد المتوسطيه و الامازيغيه و الافريقيه .


و اقول و اعيد تونس تونسيه نعم الامر بهذه البساطه و لا ولاء الا لها .

.
السيد نوفل المصري خريج الاكاديميه السياسيه للتجمع و منسق جهوي لحوار الشباب

Nov 2009

سؤال الهوية مطروح في الفكر الإنساني منذ استنبطت الفلسفة مقولة الماهية وأمعنت النظر في الذات البشرية ودعت الإنسان لمعرفة نفسه. كما إنّه هاجس معرفي و إشكالية حضارية تختلف صيغ طرحها باختلاف المراحل التاريخية، وتتباين التمثّلات و الإجابات من مجتمع إلى آخر ومن ثقافة إلى أخرى.

وما زال الفكر العربي يخوض في مسألة الهويّة من زمن بعيد وبخاصة منذ تعرّضه لما يسمّى "صدمة الحداثة" بفعل تجربة الاحتكاك بالغرب، وبتأثير الاستعمار. وظلّت اشكالية الأصالة والمعاصرة، أو التراث والحداثة بصيغها المتنوعة "أم القضايا" التي تحدّد تعامل مجتمعاتنا مع واقعها وعلاقاتها بالآخرين وبالتالي مستقبلها ومصير أجيالها القادمة.

ولم تكن الثقافة التونسية بمعزل عن هذا الجدل بل كان للمصلحين ورواد الحداثة من أبنائها شأن كبير في إرساء نموذج تونسي معتدل يوفّق بين التمسّك بالجذور ومقتضيات الحداثة.

وهو اتّجاه عام ظلّ ثابتا في تاريخ بلادنا وعاملا من عوامل تماسك مجتمعنا في مختلف المراحل والحقب. وقد استند مشروع التغيير الى هذا المعطى التاريخي والحضاري لانقاذ مسيرة التحديث وهي تواجه خطر الانتكاس والتعثّر في الثمانينات،

وذلك انطلاقا من ادراك الرئيس زين العابدين بن علي بأنّ التجارب قد أثبتت أنّ شعبنا عرف كيف يقف موقفا وسطا بين حدّين هما

الإفراط و التفريط

"
فلم يفرّط التونسيون في النقل عن نماذج غيرهم ولم يفرّطوا في أصالتهم العربية الاسلامية وانما كانوا دائما أمّة وسطا وأهل اعتدال وتسامح ووفاق وإذا وجد من بينهم أحيانا استثناء في هذا الجانب أو ذاك فإنّ القيم الغالبة كفيلة بتخفيض غلوائه".

من هنا حقّق العهد الجديد مصالحة شاملة بين التونسي وذاته، وثبّت مقومات الهوية في جذورها العربية الاسلامية وعزّز أبعادها المتوسطية والافريقية وهي من عوامل ثرائها وانفتاحها.

ولمّا كانت المرحلة التاريخية الراهنة تطرح تحدّيات جديدة وخطيرة بفعل العولمة وما صاحبها من تنام لنزعات الانكفاء على الذات من ناحية واتجاهات التنميط والتغريب من ناحية أخرى، فقد دعا الرئيس زين العابدين بن علي منذ السنوات الاولى للتغيير الى ضرورة تقويم ثقافتنا تقويما تتنزّل بمقتضاه علاقتنا بتراثنا وماضينا منزلتها الموضوعية ويساعد على حضور فاعل ومخصب في الثقافة الانسانية.

وتعكس هذه الدعوة الشجاعة رؤية حضارية نموذجية في عالمنا المعاصر فقد أدرك الرئيس أنّ عملية استيعاب الذات التاريخية لا يجب أن تفضي الى الانبهار بها والانحصار فيما يعتقد أنّه مسلّمات وأجوبة جاهزة لكلّ الأسئلة، وإن اختلف الزمان والمكان،

فبذلك تخرج الثقافة من الحداثة وتضلّ طريق العودة الى الأصالة في نفس الوقت، أي أنّها، في نهاية التحليل، تغادر التاريخ.

قال الرئيس زين العابدين بن علي : "الخشية أن تتحوّل إرادة التميّز بعنوان الأصالة الى انغلاق يسلبنا الحضور وملكة المشاركة أو الى انفتاح ينحلّ بمقتضاه عقد الشخصية الثقافية ويدخلنا دائرة التبعيّة".

بهذا أجابت تونس على سؤال الهوية،

فالمسألة ليست مسألة انتماء حضاري فذلك موضوع محسوم ولا يحتاج الى كثير من التبيين،

وما أنجز في بلادنا من أجل ترسيخ مقوّمات الشخصية العربية الاسلامية وفي ظرف عقدين من الزمن، ليس له مثيل في تاريخ تونس القريب أو البعيد.

التحدّي الكبير هو تحدّي العصر وتحولاته وتغيّراته المتسارعة،

وليس أشدّ خطرا كما يقول الرئيس زين العابدين بن علي إزاء هذا الواقع " من الانطواء على الذات وامتداح الماضي والاكتفاء بالاشارة الى المستجدّات دون الاقدام على تدّبر السبل الكفيلة بالمواكبة الواعية والمساهمة الفاعلة في التطوّرات التي تجري من حولنا".

إنّنا إزاء مقاربة حضارية تجعل من الهوية عامل دفع واخصاب وليس عنوان أزمة وعطالة،

وتتّجه نحو أسئلة العصر التي لن تتيسّر الاجابة عنها الاّ إذا عزّزنا تواصلنا بفترات النّور في تاريخنا وطرقنا أبواب ما لم نفكّر فيه في تراثنا (Le patrimoine impensé) كما يقول محمد أركون، ودخلنا مجالات جديدة للتفكير في ثقافتنا. من ثمّ نستطيع فتح نوافذ بيتنا مشرّعة على رياح ثقافات العصر لتهبّ عليه بحريّة ولن تقوى احداها على اقتلاعنا من جذورنا، كما ذهبت الى ذلك حكمة المهاتما غاندي

يقول

سيادة الرئيس زين العابدين بن علي

:"
إنّ شعبنا ليس بحال من الأحوال غبارا من البشر لا حرف له في سفر الحضارة. والتّاريخ يشهد بتواصل العطاء الحضاريّ لشعبنا من حنّبعل إلى يوغرطا وطارق بن زياد ومن الإمام سحنون وابن رشيق القيروانيّ إلى عبد الرّحمان بن خلدون والإمام بن عرفة
"


ثمّ يؤكّد اعتزازنا بحضارتنا


: "
لقد انصهرت حضارات المتوسّط فوق أديم [هذه] الأرض بل إنّ شعبنا أضاف بما يتجاوز حجمه إلى حضارة الإنسان، ولقد كانت القيروان والمهديّة والزّيتونة منارات بارزة ومضيئة للعلم والمعرفة تشعّ على المتوسّط وعلى العالم الإسلاميّ كلّه


من خطاب ألقاه سيادة الرّئيس في 29 جويلية 1988.



فتونس لم تكن يوما وعاء حضارات أو نقطة عبور شعوب بقدر ما اختزلت هذه الحضارات و بلورتها ... فالتونسي وريث المؤسسات الدستورية القرطاجية و الإصرار الغثماني و الحضارة العربية الإسلامية

قد تعرض في تاريخه الطويل لعدة انتكاسات تعامل معها بعقلية الفعل و التجاوز لا بعقلية الهدة و إادة البناء فكانت هذه المحظات روافد طبعت عقليته و سلوكه و شحذت شخصيته التي جمعت بين دفء الإفريقي و صفاء المتوسطي و عمق الشرقي ...

و على مدى تاريخها أنجبت هذه البلاد أبطالا من حنّبعل إلى يوغرطة إلى طارق بن زياد إلى ابن الجزّار والعلاّمة ابن خلدون المؤرّخ العظيم ومؤسّس علم العمران البشريّ الّذي أدرك أنّ "العدل أساس الملك'' وأن الظّلم والجور مؤذن بخراب العمران، والمصلح الكبير خير الدّين التّونسيّ الّذي اعتبر إطلاق الحرّيّات السّيّاسيّة وخاصّة الانتخابات من أعظم الوسائل في حفظ الدّول وعمرانها، ولا ننسى حركة الشّباب التّونسيّ مطلع القرن العشرين والرّجال الأفذاذ أمثال الطّاهر الحدّاد والشّابّي وحشّاد والثّعالبي وبورقيبة وغيرهم كثير....


و لم يكن التغيير في تونس إلا حلقة مضيئة في تاريخها المجيد تضرب بجذورها في تاريخ هذه البلاد لتنهل من الفكر الإصلاحي لرجالها الأفذاذ و تتقدم بتأني و حذر و شجاعة في عالم سريع التغيرات و تستشرف المستقبل و تخطط له بحكمة و ثبات


Bookmark and Share
blog comments powered by Disqus
 

زوار المدونة

free counters

Map

Taoufik Gharbi

Taoufik Gharbi
w

عبر بكل حرية :


ShoutMix chat widget

Vous souhaitez que

Vous visitez mon Blog