RSS
email

الولاء لتونس.. ولتونس فقط..وتونس وحدها



عبداللطيف الفراتي

في هذا الزمن الذي اختلطت فيه الكثير من الأشياء، وغابت أحيانا المقاييس التي نقيس بها، وتوارت عن الأنظار، يجدر أن نتذكر من حين لآخر حقائق تبدو بديهية ولكنها ليست دائما كذلك. وفي خضم التشويش الحاصل في الأذهان يجدر أن نتوقف قليلا عند حقيقة، لا بد أن تكون سائدة عند الجميع، مهما افترقت بهم السبل، وتعددت، ومهما كانت المراجع الإيديولوجية التي ينتمي إليها الفرد منا.

هذه الحقيقة، هي التي تجمع عقدنا جميعا، وتضعنا كلنا في نفس المسار، هي أنه لا ولاء إلا لتونس،، قبل وبعد كل شيء، تونس فقط، تونس وحدها، وبعد ذلك تأتي الإنتماأت.

إن ما يجمعنا هو هذا الوطن وأرضه التي أنبتتنا فتربينا وترعرعنا على أديمها، ونحن مدينون لها، ولذلك فليس لنا إلا أن نكون قلبا وقالبا لها قبل أي شيء آخر، وعلى نقاء بلادنا الإثني والديني وحتى المذهبي، وهو نقاء لا نجد له مثيلا في أي دولة عربية أو مسلمة أو إفريقية، فالأغلب الساحق من أبناء هذه البلاد عرب عاربة أو مستعربة إلا القلة، والغالب الأعظم من المسلمين السنة المالكيين، على ذلك ورغم وجود أقليات بربرية حنفية أباظية أو حتى مؤخرا شيعية، ويهودية أو نصرانية محترمة كلها في تاريخها وعاداتها وعقائدها، فإننا كلنا من التونسيين المنتمين إلى هذا الوطن ندين له بالولاء الكامل دون غيره.

وحتى نثبت بعد ذلك انتماأتنا المغاربية،العروبية أو البربرية، المسلمة أو الإفريقية أو المتوسطية وحتى الكونية، فلا بد لنا من أن ننغرس في محيطنا المتنوع في تونسيتنا وأن نتجذر فيها.. عبر ولائنا لهذا الوطن، الضارب في تعاريج التاريخ، ومفاصله.

ولعل القانون التوجيهي للتربية بعد الدستور هو أكبر مصدر لإبراز الولاء لتونس ففي فصوله الأولى حيث ينص على الأهداف الكبرى للنظام التربوي التونسي متمثلة في «الهوية الوطنية التونسية، والإنتماء الحضاري العربي الإسلامي «، في اتجاه تحقيق غايات محددة، نختار منها في ما يلي :» تمكين الناشئة منذ حداثة عهدها بالحياة مما يجب أن تتعلمه حتى يترسخ فيها الوعي بالهوية الوطنية التونسية، وينمو لديها الحس المدني والشعور بالإنتماء الحضاري وطنيا ومغاربيا وعربيا وإسلاميا، ويتدعم عندها التفتح على الحداثة والحضارة الإنسانية» وبعد هذا وقبله «تربية الناشئة على الوفاء لتونس والولاء لها». تلك هي المبادئ التي اعتمدت كمرتكزات للمستقبل، عن طريق تربية ومدرسة في خدمة التوجهات العامة للبلاد. وكثوابت قارة.

ففي خطابه بمناسبة افتتاح الحملة الإنتخابية الرئاسية في 13 أكتوبر 2009 تعرض الرئيس زين العابدين بن علي لهذه النقطة، قائلا ما معناه

«إن المسؤولية تقتضينا العطاء السخي والمثابرة، وقبل كل شيء الولاء لتونس، وتونس وحدها، تحقيقا للذات وتأصيلا للإنتماء لهذا الوطن..».

وبذلك فإن الولاء لتونس هو اليوم وينبغي أن يكون مستقبلا، ثابتا من أهم الثوابت ليس في سياسة الحكومة فقط، بل وفي توجهات كل منا.

ولا بد هنا من التوقف عند أمرين اثنين لترسيخ هذا الولاء اعتمادا على مقوماته:

أولا ومن التاريخ بكل أحقابه البعيدة والقريبة، فإن علينا كتونسيين أن لا ننكر على أحد تونسيته وذلك ليس اليوم فقط بل عبر التاريخ كله، بنبذ كل ما يمكن أن يعتبر تخوينا أو تكفيرا، إننا نعترف بأن حنبعل وسان أوغستان وحتى الكاهنة وعقبة بن نافع والمعز لدين الله الفاطمي وبن خلدون والإمام سحنون وابن الجزار وصولا إلى خير ا لدين والبايات وبورقيبة مرورا بغيرهم هم نتاج هذه الأرض القادرة على الإستقطاب والإستيعاب، وتلك عبقريتها.

ثانيا ومن التاريخ المعاصر والحديث، فإن الكفاح الذي خاضه التونسيون من أجل استقلال بلادهم واستصفائها من براثن الأجنبي، الذي أراد السيطرة عليها وامتصاصها حتى النخاع، واستبدال شخصيتها ولغتها ودينها،والتضحيات التي قدمها أبناء هذا الشعب سواء بالأرواح أو بالحياة حتى الفردية منها متمثلة في مقاساة السجون والمنافي، كلها صنعت هذه الخاصية التونسية التي نتمسك بها كثابت من ثوابتنا، والتي تستدعي منا أن لا يكون ولاؤنا لغير وطننا الذي نستظل بظله، ونعيش من خيره.

إن تونس لكل التونسيين، هذه حقيقة قائمة، ولكن تونس أيضا بكل التونسيين الذين يحملونها في قلوبهم التي لا تنبض إلا لها.



Bookmark and Share
blog comments powered by Disqus
 

زوار المدونة

free counters

Map

Taoufik Gharbi

Taoufik Gharbi
w

عبر بكل حرية :


ShoutMix chat widget

Vous souhaitez que

Vous visitez mon Blog