من حين لآخر تقوم بعض الدوائر الأجنبية أو جماعات من المعارضة سواء المتحصنة بالخارج حيث تتلقى دعما ماليا و إعلاميا و غطاء سياسيا لشن حملة تشويه ضد تونس في خصوص حقوق الإنسان أو المتواجدة بالداخل سواء كانت معارضة دستورية أو جهات معارضة وسياسيا ولكنها تتخفى ضمن جمعيات ومنظمات المجتمع المدني المسموح بها أصلا وهي مدعومة ماليا من الحكومة ومع ذلك فلا تتورع عن الإساءة لسمعة بلدها تونس.
واني بهذا العمل لا أهدف فيه إلى هدف سوى الوصول إلى الحقيقة الموضوعية حول هذا الملف الحساس حتى يصل المتتبع إلى قناعة موضوعية لا تستند إلى الهوى بقدر ما تستند الى معطيات موضوعية ولذا ننطلق من التشريعات المتعلقة بهذا الموضوع قبل الممارسات لأنها مؤشر هام على مدى الجدية في الأخذ بحقوق الإنسان في تونس .
ونبدأ في هذا المجال بما ورد في الدستور حيث أكد الفصل الأول أن تونس دينها الإسلام ولغتها العربية بحيث التأكيد على انتماء تونس إلى الحضارة العربية الإسلامية وما تمثله هذه الحضارة من قيم التسامح والاعتدال ونبذ التعصب والحرية ومع ذلك وتمشيا مع هذه القيم أكد الدستور أيضا على حرية التدين انسجاما مع ما جاء في ديننا الحنيف ( لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ) 256 البقرة
كم أكد الدستور على جملة الحريات الفردية والجماعية والاقتصادية والاجتماعية و الفكرية بحيث ورد فيه من حجم الحريات و الحقوق ما يضاهي أفضل الدساتير الراقية في العالم المعاصر وهذا الأمر ليس غريبا على تونس الحضارة الراقية الممتدة جذورها منذ آلاف السنين و قد تدعمت و تأكدت من خلال انتماء تونس و بشكل نهائي لا تراجع فيه الى الحضارة العربية الاسلامية وبالاضافة الى القانون الدستوري الذي نعتز به كما صدرت قوانين اخرى تدعم التوجه العام لاحترام حقوق الانسان كمجلة الاحوال الشخصية التي دعمت مكانة المرأة منذ 1956 أي منذ فجر الاستقلال وكذلك عديد المجلات والنصوص القانونية المتعلقة بحقوق العمال او حقوق الطفل أو الصحافة او الانتخابات و غيرها من النصوص التي لا يمكن احصاؤها لكثرتها كما وقعت تونس على معظم المعاهدات والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الانسان.
المواثيق الدولية
انضمت تونس إلى ست من اتفاقيات الأمم المتحدة الرئيسية السبع المعنية بحقوق الإنسان، وهي: "العهدان الدوليان الخاصان بالحقوق المدنية والسياسية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية" (1969)، و "اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري" (1967)، و "اتفاقية القضاء على جميع أشكال التميز ضد المرأة" (1985)، و "اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة" (1988)، و"اتفاقية حقوق الطفل" (1992). كما انضمت إلى "البروتوكولين الاختياريين الملحقتين باتفاقية حقوق الطفل"، بشأن اشتراك الأطفال فى النزاعات المسلحة، وبيع الأطفال، واستغلال الأطفال فى البغاء والمواد الإباحية (2002).
انضمت تونس كذلك إلى اتفاقيات منظمة العمل الدولية الثمان المعنية بحقوق الإنسان: "الاتفاقيتان (87) و (98) المعنيتان بحرية التجمع والمفاوضة الجماعية" (1957)، و "الاتفاقيتان (29) و (105) المعنيتان بالسخرة والعمل الإجباري" (1962، 1959 على التوالي)، و "الاتفاقيتان (100) و (111) المعنيتان بالقضاء على التمييز في شغل الوظائف" (1968، 1959 على التوالي)، و "الاتفاقيتان (138) و (182) المعنيتان بمنع استخدام الأطفال والقاصرين" (1995، 2000 على التوالي).
تحفظت تونس على أحكام بعض الاتفاقيات التي انضمت إليها، على النحو التالي:
- "اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة": إعلان عام بأن تونس لن تتخذ أي إجراء لا يتماشى وأحكام الفصل الأول من الدستور التونسي، الذي ينص على أن الإسلام دين الدولة. وإعلان آخر بالنسبة للمادة (15/4)، التي تتعلق بالحقوق المتساوية في حرية حركة الأشخاص، وحرية اختيار محل السكن والإقامة، بألا يتعارض مع أحكام قانون الأحوال الشخصية في هذا الشأن. وتحفظت على المادة (9/2)، التي تتعلق بالحقوق المتساوية بالنسبة لجنسية الأطفال بما لا يتعارض مع قانون الجنسية التونسي. والمادة (16/1)، التي تتعلق بالحقوق المتساوية أثناء الزواج وعند فسخه بشرط عدم التعارض مع قانون الأحوال الشخصية. والمادة (29/1)، التي تتعلق بالتحكيم بين الدول الأطراف، في حالة الخلاف في تفسير أو تطبيق الاتفاقية.
- " اتفاقية حقوق الطفل": إعلان عام بأنها لن تلتزم بأي أحكام تتعارض مع الدستور التونسي، وأن ديباجة وأحكام الاتفاقية، وخاصة المادة (6)، لا يمكن تفسيرها بأي شكل على أنها تعوق القوانين التونسية بشكل الإجهاض. وتحفظ على المادة (2)، التي تحظر التمييز، بحيث لا تعيق تطبيق أحكام قانونها الوطني المتعلق بالأحوال الشخصية، وبصفة خاصة ما يتصل بالزواج وحقوق الإرث. والمادة (7)، التي تتعلق بالجنسية، بحيث لا تمنع تطبيق أحكام قانون الجنسية الوطني، وبصفة خاصة في حالات فقدان الجنسيةبحيث كان تحفظها على بعض المواد حرصا منها على الالتزام بالقوانين التونسية او الالتزام باحكام الشريعة الاسلامية بحيث ان التحفظات هدفها مزيد دعم حقوق الانسان في تونس.
المواثيق الإقليمية
أما بالنسبة للمواثيق الإقليمية، فقد وافقت تونس على "إعلان القاهرة لحقوق الإنسان في الإسلام" الصادر عن مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية عام 1990، وهو وثيقة إرشادية لا تحتاج إلى تصديق. ووافقت كذلك على "الميثاق العربي لحقوق الإنسان/ المعدل"، الذي اعتمدته القمة العربية في تونس عام 2004، لكنها لم تصادق عليه شأن معظم الدول العربية. وانضمت أيضاً إلى "الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب" (1983). وصادقت على بروتوكول إنشاء "المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب" (2004).
مؤسسات حقوق الإنسان
يتوافر في تونس أنماط عديدة من مؤسسات حقوق الإنسان على مستوى الهياكل الحكومية، وعلى مستوى المؤسسات الوطنية والمنظمات غير الحكومية. فعلى مستوى الهياكل الحكومية، يتوافر في تونس شبكة كبيرة من الهياكل المعنية بحقوق الإنسان، يعد أبرزها منصب "المستشار الخاص لدى رئيس الجمهورية المكلف بحقوق الإنسان" (1991)، وقد أوكلت إليه مهمة متابعة سياسة الدولة في مجال حماية حقوق الإنسان وتعزيزها المستمر. ووحدات لحقوق الإنسان في وزارات الخارجية والداخلية والعدل (1992)، ووزارة الشئون الاجتماعية، فضلاً عن مستشار قانوني للوزارة الأولى لتنسيق وضع التقارير الوطنية. وعلى مستوى المؤسسات الوطنية أنشئت "الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات" في 7/1/1991، وحدد قانون تأسيسها مهامها في مساعدة رئيس الجمهورية على دعم حقوق الإنسان والحريات الأساسية وتطويرها من خلال إبداء الرأي فيما يستشيرها فيه من مسائل، وتقديم الاقتراحات، وإنجاز الدراسات والبحوث فى مجال عملها، والقيام بأية مهام يعهد بها إليها رئيس الجمهورية فى هذا المجال. وتضم شخصيات عامة من بينهم أعضاء فى مجلس النواب وشخصيات من الجمعيات والهيئات المعنية وممثلين عن بعض الوزارات المعنية، وليس للأخيرين حق التصويت. كما يتوافر في تونس أيضاً عدد كبير من منظمات حقوق الإنسان غير الحكومية تعد إحداها -وهي: "الرابطة التونسية لحقوق الإنسان"- بين طلائع منظمات حقوق الإنسان على الساحة العربية. ويعمل بعضها باختصاص عام، مثل: "الرابطة التونسية لحقوق الإنسان" (1977)، ويختص الآخر بحقوق النساء، مثل: "جمعية أطلس للتنمية الذاتية والتضامن" (1990)، و "جمعية المرأة من أجل التنمية المستدامة" (1994). كما يختص بعضها بحقوق الأطفال، مثل: "الجمعية التونسية لحقوق الطفل" (1998)، و "الجمعية التونسية للمحامين الشبان" (1970). كما يختص عدد منها بحقوق معينة، مثل: "جمعية النهوض بالتشغيل والسكن" (1972). كما يوجد بتونس مقر "المعهد العربي لحقوق الإنسان" (1989
البرامج المستقبلية
أما بالنسبة للبرامج المستقبلية المطروحة، فتعبر عنها المحاور الأساسية للبرنامج الانتخابي للرئيس زين العابدين" في الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 2004، وذلك على النحو التالي:
1- التأكيد على الإصلاح السياسي، كخيار ثابت ومسار لا يتوقف.
2- مواصلة العمل على تحديث البنية الأساسية لاقتصاد جديد، من أجل نمو أسرع واندماج أكبر في اقتصاد معولم، وإحداث المؤسسات ودفع جديد للتصدير، وإعطاء الأولوية الدائمة للتشغيل، التحرير الكامل للدينار، وتحديث الفلاحة وتحقيق دخل أفضل للفلاح.
3- مقاربة متجددة للتضامن، مع نوعية أفضل لمقومات العيش، ودخل أرفع للمواطن وحماية أكبر للمستهلك، وتطوير دور المرأة من المساواة إلى الشراكة الفاعلة، والاهتمام بالتونسيين بالخارج.
4- تأسيس أرضية ملائمة لبناء اقتصاد المعرفة، وتشجع الإبداع على نحو يواكب العولمة.
إصدارات حقوق الإنسان
تصدر في تونس وعنها العديد من الإصدارات المعنية بحقوق الإنسان من وجهتي نظر مختلفة، فتصدر "الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية" تقارير ودراسات وكتب تعبر عن رأى الحكومة، بينما تصدر المنظمات غير الحكومية العاملة إصدارات ناقدة. ويوفر "المعهد العربي لحقوق الإنسان" نمطاً ثالثاً من الإصدارات يتناول الجوانب التربوية والتعليمية في إطار نشر وتعزيز مبادئ حقوق الإنسان:
1- توفر المنظمات غير الحكومية إصدارات متنوعة، فتصدر "الرابطة التونسية لحقوق الإنسان" تقارير سنوية منتظمة، وأخرى حول موضوعات تتعلق بالحقوق الأساسية أو الحريات العامة .
2- وتصدر أغزر مطبوعات حقوق الإنسان عن "المعهد العربي لحقوق الإنسان"، الذي يصدر مجلة بحثية متخصصة بعنوان: "المجلة العربية لحقوق الإنسان"، كما ينشر دراسات بنتائج أبحاثه الميدانية مثل: الإعلام العربي وحقوق الإنسان، وكتباً متخصصة في مجال تعليم حقوق الإنسان، والتربية على حقوق الإنسان، ومن نماذجها كتاب "دليل المدرس في التربية على حقوق الإنسان"، (2001)، وكتاب "قضايا التدريب في المنظمات غير الحكومية العاملة في مجال حقوق الإنسان" (2001)، وكتاب "الممارسات الجيدة في مجال التربية على حقوق الإنسان: التوجيهات- المؤشرات - التقييم".
كما نزّلت تونس، منذ تغيير 1987، وهي بلد ذو تقاليد إصلاحية طويلة، حماية حقوق الإنسان والنهوض بها ضمن صدارة اهتماماتها. واتخذت ، تحت قيادة الرئيس زين العابدين بن علي، سلسلة من المبادرات الرامية إلى النهوض بحقوق الإنسان، السياسية منها والمدنية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
حماية الحقوق المدنية :
وأولت تونس عناية خاصة لحماية حقوق الإنسان المدنية. ولهذه الغاية، قامت بالعديد من الإصلاحات لتوفير الإطار القانوني لصيانة هذه الحقوق وحمايتها.
كما صادقت دون تحفّظ في سنة 1988 على اتفاقية الأمم المتحدة المناهضة للتعذيب وغيره من أشكال المعاملة أوالعقاب القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وعلى إثر ذلك، تمّ تعديل المجلة الجنائية بإضافة أحكام تحدّد جريمة التعذيب.
وإضافة إلى ذلك، تمّ إلغاء الحكم بالأشغال الشاقة سنة 1989. وفي عام 1995، ألغيت الأحكام بالعمل الإصلاحي والخدمة المدنية. وتمّ تعديل النظام القانوني للإيقاف التحفّظي والاعتقال عبر إصلاحات أدخلت على مجلّة الإجراءات الجزائية (1987 - 1993 - 1999).
وتمّ إرساء إمكانية الاستعاضة عن الحكم بالسجن بالخدمة لفائدة المصلحة العامة، وذلك من خلال تنقيحات وتعديلات أدخلت على المجلّة الجنائية سنة 1999.
وجاء قانون 14 ماي 2001 متضمنا أحكاما جديدة تضمن حقوق المساجين وتحدّد واجباتهم، وفق المقاييس الدولية المتعلقة بمعاملة المعتقلين، بما يحفظ كرامتهم وإنسانيتهم.
وجاء قانون أكتوبر 2002، المتعلق بالتعويض للمساجين والمحكوم عليهم الذين تثبت فيما بعد براءتهم، متضمّنا، لأول مرة في تاريخ التشريع التونسي، إمكانية مطالبة الدولة بدفع تعويضات لكلّ من يُحكم عليه بالسجن ثم تُبَرّئُ المحكمة ساحته فيما بعد.
وتمّ اتخاذ مبادرة أخرى هامة تتمثّل في نقل الإشراف على المؤسسات السجنية وإداراتها من وزارة الداخلية إلى وزارة العدل (جانفي 2001) وهو مؤشر هام جدا في اتجاه التقدم خطوات هامة في مسار ضمان حقوق الانسان
الحرّية الدينيّة :
لقد ضمن دستور 1959 حرّية المعتقد والعبادة. ونصّ قانون 3 ماي 1998 المتعلّق بالمساجد على أنّ "التعبّد في المساجد حرّ للأفراد والجماعة وأنّ" الدولة تتولّى ضمان حرمة المساجد واحترامها. وتحمي الدولة أماكن العبادة لجميع الديانات كما تضمن حقّ الأقليات الدينيّة في ممارسة طقوسهم الخاصة بهم.
ويمنع القانون التونسي التحريض على الكراهية الدينية أو العنصرية . ويعمل النظام التربوي -حسب ما نصّ عليه قانون 23 جويلية 2002 المتعلّق بالتربية والتعليم- على النهوض بقيم التسامح الديني والعرقي وبالمساواة بين الجنسين.
الحريّة النقابية :
يتمتّع العمّال التونسيون بالحق في تكوين نقابات والانخراط في النشاط النقابي بما في ذلك حقّ التوقّف عن العمل وحق الإضراب. ويشارك الاتحاد العام التونسي للشغل في دورات المفاوضات الاجتماعية مع منظمة أرباب العمل والحكومة. وقد ساهمت الاتفاقيات المبرمة بشأن الأجور والمكافآت في تأمين مناخ يتّسم بالسّلم الاجتماعية في البلاد على امتداد الأعوام الستة عشر الماضية. ويصدر الاتحاد العام التونسي للشغل صحيفته الخاصّة به (الشعب )، كما يساهم ممثّلوه في المنابر الحوارية عبر الإذاعة والتلفزة حيث يعبّرون عن آ رائهم .
الحق في الحرية والديمقراطية :
إضافة إلى الإصلاحات المكرّسة لاستقلال القضاء، مثل إلغاء محكمة أمن الدّولة ومنصب الوكيل العام للجمهورية سنة 1987، تمّ إدخال إصلاحات دستورية وقانونية تهدف إلى النهوض بالحرّيات الأساسية.
ومن بين هذه الإصلاحات نذكر القانون الدستوري المؤرخ في 27 اكتوبر1997 الذي يحدّد دور الأحزاب السياسيّة في الحياة العامة ويوسّع مجال اللجوء إلى الاستفتاء فيما يتعلّق بالمسائل المصيريّة التي تهمّ مستقبل البلاد.
وقد كرّست التعديلات المدخلة على الفصل 40 من الدستور تعدّدية الترشحات لرئاسة الجمهورية. وفي أكتوبر 1999 شهدت تونس، لأول مرّة في تاريخها، انتخابات رئاسيّة تعدّدية تنافس فيها الرئيس المباشر مع مترشحين آخرين لمنصب الرئاسة.
ووفّرت التنقيحات التي أُدْخلتْ في جويلية 2003 على المجلّة الانتخابية مزيدا من الضمانات القانونية للناخبين، كما أرست نظام المراجعة المتواصلة للقائمات الانتخابية وعزّزت شفافية العملية الانتخابية في كلّ مراحلها.
وتتجلّى التعدّدية الديمقراطية في وجود ستة أحزاب سياسيّة في مجلس النواب. كما تنشط في الجملة 8 أحزاب سياسيّة في البلاد، وهي تمارس حقوقها في تنظيم الأنشطة وعقد الاجتماعات والتعبير عن آ رائها وإصدار صُحفها الخاصّة بها. ولهذه الأحزاب السياسيّة من يمثّلها بالمجالس المحلّية والجهويّة والوطنية. ولها كذلك الحقّ في الحصول على إعانات مالية من الدولة لتمويل أنشطتها وإصدار صحفها.
وينصّ القانون الدستوري الصادر في 27 اكتو بر 1997 على أن تحترم الأحزاب السياسية »سيادة الشعب وقيم الجمهورية وحقوق الإنسان والمبادئ المتعلقة بالأحوال الشخصية، ويكرّس القانون نفسُه »التزام الأحزاب السياسية بنبذ كل أشكال العنف والتطرّف والعنصرية وكل أوجه التمييز.
ولا يسمح الدستور التونسي باستغلال الدين أو العنصر لأغراض سياسيّة، وفعلا فقد نصّ الفصل الثامن منه على أنّه »لا يجوز لأي حزب أن يستند أساسا في مستوى مبادئه وأهدافه أو نشاطه أو برامجه على دين أو أو لغة أو عنصر أو جنس أو جهة.
وتنشط في تونس أكثر من 8.000 جمعيّة تتمتع بحماية القانون المتعلق بالجمعيات الصّادر في أفريل 1992، الذي ينصّ على أنّه لا يمكن حلّ أي جمعية إلاّ بقرار من المحكمة. وتشكّل الجمعيات عمادا أساسيا من أعمدة المجتمع المدني.
حقوق الإنسان والإصلاح الجوهري للدستور :
لقد كرّس الإصلاح الدستوري لسنة 2002 المبادئ الأساسية التي قام عليها تغيير السابع من نوفمبر، ولا سيّما شمولية حقوق الإنسان وتكاملها، ومبادئ علويّة القانون والتعدديّة، وقيم التضامن والتسامح والحرية.
وعزّزت تعديلات دستورية جديدة حماية الحياة الخاصة للأشخاص، كما كرّست مبدأ عدم انتهاك سرّية الاتصالات وقدسيّة المعطيات الخاصة.
ويؤكّد الفصل الخامس من الدستور على الأهمية التي توليها الجمهورية التونسية لحقوق الإنسان في كونيتها وشموليتها. كما ينزّل كرامة الإنسان منزلة رفيعة.
ويتماشى تكريس حرمة الاتصالات وحماية المعطيات الخاصة في نصّ الدستور مع الخطوات الكبيرة التي قطعتها تونس في مجال تأمين الارتباط بشبكة الأنترنت والاستفادة من خدمات التكنولوجيات الحديثة للمعلومات. والواقع أنه يوجد في تونس ما يزيد على نصف مليون مستعمل للأنترنت وتمّ ربط المعاهد العليا والجامعات ومراكز البحث العلمي والمؤسسات الطبيّة والبنوك والشركات بشبكة الأنترنت.كما تم ربط المعاهد الثانوية والاعداديات ومعظم المدارس الابتدائيةبهذه الشبكة تماشيا مع السياسةالرامية الى توسيع المعرفة الرقمية لتشمل الجميع ودون استثناء .
الحقّ في التنمية :
وفي الوقت الذي تعمل فيه تونس على النهوض بالحقوق السياسية والمدنية، تحاول أيضا تأمين حقوق مواطنيها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
وقد ارتقى نصّ الدستور المنقح بواجب احترام قيم التضامن والتآزر إلى مستوى الالتزام الجماعي.
وبالإضافة إلى الأخذ بأيدي المحتاجين من المواطنين والعمل على النهوض ببعض المناطق من البلاد (التي اصطلح على تسميتها بمناطق الظلّ)، تسعى تونس إلى تأمين تمتّع كافة مواطنيها بحظوظ متساوية للاستفادة من ثمارالتقدّم والازدهار بكيفية عادلة اضافة الى وجود الصندوق الوطني للتضامن 26 26 الذي يتكفل بتقديم مساعدات مختلفة في شتى مجالات الحياة حتى يحس المواطن بالطمأنينة في بلده ويتحقق له الأمن المادي النفسي الكامل حتى يستطيع أن يبدع في مختلف مجالات الابداع .
وتمثّل الطبقة المتوسطة في المجتمع التونسي حوالي 80%، ويقدّر معدّل أمل الحياة عند الولادة ب73 عاما (مقابل 66 عاما سنة 1987). وتتجاوز نسبة التمدرس 99% بين الأطفال البالغين ستّ سنوات. ومن ناحية أخرى، يقدّر الدّخل الفردي حاليا ب-3.555 دينارا ، وتبلغ نسبة الربط بشبكة توزيع الماء الصالح للشراب 94% وبشبكة الكهرباء 96%. ويقارب عدد مستعملي الشبكة الوطنية للاتصالات 3 ملايين مستعمل، وقد ارتفعت نسبة الارتباط بخدمات الاتصالات من 3 مستعملين من كلّ 100 ساكن سنة 1987 إلى 15 مستعملا من كل 100 ساكن في نهاية 2002. ويبلغ عدد مستعملي الهاتف الجوّال حاليا 1.5 مليون مستعملو تؤكد هذه الاحصائيات المستوي الجيد الذي وصلت اليه تونس في هذا المجال الحيوي والمهم في حياة الشعوب
حقوق المرأة : جزء لا يتجزّأ من حقوق الإنسان :
تحتل قضية المرأة مكانة مركزية في اهتمام القيادة السياسية في تونس منذ استقلالها، وتعد في طليعة الدول العربية المطبقة لنظام الحصة (الكوتا)، حيث يلتزم التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم بتقديـم 25% من مرشحيه من النسـاء، الأمـر الذي أدى إلى وصول (43) امرأة إلى البرلمان عام 2004، والمكون من (189) عضواً، وبنسبة تصل إلى نحو22.8%.
لقد تمكنّت المرأة التونسية، بفضل صدور مجلّة الأحوال الشخصيّة في 13 أوت 1956، من التمتّع بالمساواة في الحقوق مع الرجل بما في ذلك الحقّ في حريّة اختيار زوجها والحقّ في طلب الطلاق القانوني أمام محكمة عدليّة (مع إمكانية دفع تعويضات للطرف المتضرّر). وقد تمّ تحديد السنّ الدنيا للزواج ب-17 سنة بالنسبة إلى البنت وب-20 عاما بالنسبة إلى الشاب.
وأدخلت خلال سنة 1993 تنقيحات قانونية في اتجاه تعزيز المساواة وإرساء علاقات الشراكة بين الزوجين. وتمّ إنشاء صندوق خاصّ بهدف تأمين دفع جراية النفقة للمرأة المطلّقة وأولادها. ويحجّر القانون كافة أشكال التمييز ضدّ المرأة سواء في العمل أو داخل المجتمع بصفة عامّة. وفي سنة 1998 تمّ إحداث نظام الملكيّة المشتركة بين الزوجين والتنصيص عليها ضمن عقد الزواج (الصّداق). ومكّن اعتماد مجلّة القانون الخاصّ من إرساء قواعد عصريّة لتسوية الخلافات العائلية ذات الطابع الدولي. وصادقت تونس على كلّ آليات الأمم المتحدة المتعلّقة بحقوق الإنسان.
وتشارك المرأة حاليا في كافة مجالات الحياة، حيث تمثّل قرابة 25% من السكان النشطين، و52.7% من القضاة و26% من المحامين. ويبلغ عدد المؤسسات التي تديرها نساء حوالي 10.000 مؤسسة . ويؤمّ المدارس الابتدائية 99% من الأطفال الذين تبلغ أعمارهم ستة أعوام، صبيانا وبنات. ويمثّل العنصر النسائي 55% من مجمل طلاب الجامعات. وعلى صعيد الحياة العامة، تمثّل النساء نسبة 11.5% من أعضاء مجلس النواب وأكثر من 20% من أعضاء المجالس البلديّة. كما تضطلع عدة نساء بمسؤوليات عليا في الحكومة والسلك الدبلوماسي.
الحق في حريّة الرأي والتعبير :
لقد تمّ تعزيز حرية الرأي والتعبير من خلال عدّة إجراءات وتدابير من بينها العديد من الإصلاحات التي أدخلت على قانون الصحافة (سنوات 1988 - 1993 - 2001 ) بهدف زيادة دعم الحريات العامة، من ذلك مثلا أن تنقيحات سنة 2001 ألغت جريمة "ثلب النظام العام وإمكانية إصدار أحكام بالسجن ضدّ الصحافيين بتهمة الاعتداء بالشتم.
ولم يعد ممكنا إيقاف أي جريدة عن الصدور في تونس دون قرار قضائي.
ويتسم المشهد الإعلامي التونسي اليوم بالتفتّح والتعدّدية. وأصبح بإمكان كلّ مواطن تونسي في مختلف أنحاء البلاد الاستفادة بخدمات الإنترنت والقنوات التلفزية الفضائية والجرائد والمجلاّت الأجنبيّة.
ويمتلك الخواص جلّ الصحف والمجلاّت التي تصدر بالبلاد. وقد تعزّز مؤخّرا تفتّح المشهد الإعلامي وتنوّعه بفضل قرار الرئيس زين العابدين بن علي فتح الفضاء السمعي البصري أمام القطاع الخاصّ. وهكذا بدأت أول محطّة إذاعيّة خاصة في بثّ برامجها يوم 7 نوفمبر 2003. وتتمتّع صحف أحزاب المعارضة من ناحيتها بمنحة سنويّة (أمر 10 افريل 1999) وكذلك بتخفيضات على تكلفة الورق وبإعفاءات من دفع المعاليم الجمركية على المعدّات المستوردة المستعملة في طباعة الجرائد.
وقد توجّه الرئيس زين العابدين بن علي، يوم 3 ماي 2001 إلى الصحافيين بكلمة حثّهم فيها على الكتابة في كل المواضيع مبيّنا أنه لا تُوجد مواضيع محرّمة باستثناء ما يمنعه القانون وأخلاقيات المهنة، وأنه من مسؤولية الإعلام العمل على تغيير العقليات بما في ذلك لدى بعض المسؤولين الذين عليهم أن يتقبّلوا النقد.
آليات حماية حقوق الإنسان :
لقد تمّ إنشاء العديد من الآليات الناجعة للنهوض بحقوق الإنسان، من بينها الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحرّيات الأساسية التي أحدثت سنة 1991. وهذه الهيئة تضمّ نخبة من الخبراء المختصّين في حقوق الإنسان في مختلف الميادين، وتعدّ تقريرا سنويّا يتمّ رفعه إلى رئيس الجمهورية. وهناك آليات أخرى تتمثّل خاصة في وحدات حقوق الإنسان بوزارات الشؤون الخارجية، والعدل وحقوق الإنسان، والداخلية والتنمية المحلّية. وقد أحدثت هذه الوحدات سنة 1992 كآليات إضافية لحماية حقوق الإنسان والنهوض بها.
وعلاوة على ذلك، قرّر الرئيس زين العابدين بن علي سنة 1993 إحداث جائزة رئاسية لحقوق الإنسان تسند إلى الشخصيات والمنظمات والمؤسسات والأشخاص الذين يتميّزون بمساهمتهم البارزة في النهوض بحقوق الإنسان ونشر ثقافتها على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي.
__________________