في الوقت الذي تستعدّ فيه التلفزة التونسية للتأسيس لعهد جديد بدخول البثّ الرقمي حيز العمل الفعلي خلال المدة القريبة القادمة لا يزال محتوى جلّ برامج القنوات دون المستوى المطلوب الذي يمكن أن يشدّ المتفرج التونسي رغم ما تزخر به بلادنا من كفاءات شبه مهمّشة أثبت بعضها نجاعته في تقديم مادة إعلامية جيّدة بمجرد مغادرة أرض الوطن.
إن قناعة هرم السلطة راسخة بأنّ الاختلاف في الرأي أمر بديهي بل هو ضروري لإثراء الحياة العامة وتعزيز الوفاق حول الثوابت والمبادىء التي ارتضاها الشعب لنفسه والتزم الجميع بالانخراط فيها والدفاع عنها وأوّلها حب الوطن والولاء له دون سواه.
لقد أكّد كذلك مرارا وتكرارا أن تونس ليس بها محظورات فيما يتناوله الاعلام من قضايا وما يدرسه من ملفات إلا ما يتنافى مع ضوابط القانون وأخلاقيات المهنة، وان المادة الاعلامية تبقى دائما من مسؤولية الإعلاميين أنفسهم في التعبير عن واقع المجتمع وعن مشاغله بصدق وجرأة. وأن تكون هذه المادة مرآة تعكس بأمانة التعددية الفكرية والسياسية التي تعيشها بلادنا.
لكنّ واقع الحال لا يعكس البتة هذا التوجه فمجمل قنواتنا التلفزيونية وإن ارتقت إلى مرتبة الرقمية تقنيّا فإنها ظلت خشبية اللغة، باردة المشاعر، متبلدة الذوق وأملنا أن لا يكون دخولها عصر الرقمنة تأسيسا لمرحلة جديدة من النوم العميق.